الحمد لله الذي أكمل لنا الدين،وأتم علينا النعمة،وجعلنا من خير أمة،نحمده حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه،ونشهد بأن محمداً نبينا عبده ورسوله،بالحق بعثه وبالكتاب أرسله،صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين ثم أما بعد :
فقد تشرفت بتكليفي بإعداد ورقة عمل للمشاركة بها في ندوة المؤسسات الخيرية إحدى الندوات الرئيسية في البرنامج الثقافي لمهرجان هذا العام،وأنتهز هذه الفرصة لأقدم للأخوة القائمين على النشاط الثقافي في المهرجان شكري وتقديري على دعوتهم لي للمشاركة في هذه الندوة .
وبادئ ذي بدء أقول أن الإسلام جاء كمنهج حياة شامل لم يترك شاردة ولا واردة إلا عالجها وأوجد لها الحلول المناسبة،وهذا الدين جاء إلى البشرية جمعاء ليحدث نقلة جديدة في حياته،جعل المسلمين أمة واحدة وألف بين قلوبهم وحثهم على التعاون فيما بينهم على البر والتقوى, يقول سبحانه وتعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }. سورة المائدة،وقال صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وقد سن حكام هذه البلاد المباركة سنة حسنة في التواصي بإخوانهم المسلمين في كل مكان وبذل الكثير من الدعم للعمل الخيري والاهتمام بقضايا المسلمين،وهذا نهج سارت عليه هذه البلاد منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، واقتفى أثره أبناءه البررة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الذي شهد العمل الخيري في عهده نقلة جديدة كان لها أثرها الطيب وثمارها اليانعة .
لا أريد أن أسهب في هذه المقدمة التي أردت أن تكون مدخلاً للحديث عن ورقة العمل التي اخترت لها عنوان (العمل الخيري السعودي آمال وتطلعات) ويسرني أن أتناول في هذه الورقة ستة مباحث حاولت أن تكون مختصرة وموجزة وإلا فإن هذا الموضوع واسع جداً ويحتاج إلى بسط أكثر بل يحتاج إلى أكثر من ندوة تتناول جوانبه المتعددة ستكون على النحو التالي .
المبحث الأول: رعاية المملكة العربية السعودية للعمل الخيري :
ويشتمل على أربعة عناصر :
• أولاً : العمل الخيري في الداخل .
• ثانياً : المؤسسات العاملة في الداخل .
• ثالثاً : نشأة العمل الخيري في الداخل .
• رابعاً : المؤسسات العاملة في الخارج .
المبحث الثاني : مجالات العمل الخيري في الداخل والخارج .
المبحث الثالث : مصادر دعم العمل الخيري السعودي :
ويشتمل على ثلاثة عناصر :
• أولاً : الدعم الحكومي .
• ثانياً : الدعم الشعبي
• ثالثاً : الأوقاف الخيرية والاستثمارات .
المبحث الخامس :العقبات التي تواجه المؤسسات الخيرية السعودية :
وتشتمل على ثلاثة عناصر :
• أولاً : ضعف الموارد المالية .
• ثانياً : قلة الكوادر البشرية المدربة .
• ثالثاً : المضايقات التي تواجهها المؤسسات الخيرية السعودية .
المبحث السادس : آمال وتطلعات نحو العمل الخيري السعودي .
ولعلي أستفتح هذه المباحث بالحديث عن رعاية المملكة العربية السعودية التي خصصت لها المبحث الأول ويتفرع منه عدة عناصر وعند الحديث عن هذه الرعاية يحسن بنا أن نشير أن المملكة العربية السعودية تحملت أعباء ومسؤولية العمل الخيري منذ بداية تنفيذها على يد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه حين كان منافحاً وداعماً لقضية فلسطين التي لازالت تحت وطأة الاحتلال اليهودي حتى الآن إضافة لبعض الأعمال الخيرية التي تقدم للمواطنين في بداية عهده واستمرت مع أبنائه حتى الوقت الحاضر الذي يشهد فيه العمل الخيري دعماً منقطع النظير، وفتحت الباب على مصراعيه للمؤسسات والجمعيات الخيرية لتعمل في الداخل والخارج لتلمس احتياجات الناس وتقديم الدعم الإغاثي للمسلمين في الخارج وفق إمكانات هذه المؤسسات مع دعم خاص ومستقل من الدولة للكثير من قضايا المسلمين المتعددة، ويدلل هذا الاهتمام على الدور القيادي المناط بها فهي رائدة للعمل الإسلامي في العالم، وتحتضن الحرمين الشريفين ومهبطا للوحي ومنبعا للرسالة.
وإدراكاً منها بأهمية مساعدة المسلمين في الحفاظ على هويتهم وتثبيت الإسلام في نفوسهم والشعور بآلامهم كان لها دور لا ينساه الكثير من المسلمين في أصقاع المعمورة فقد امتدت أياديها البيضاء لهم في فلسطين وأفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك وكوسوفا وغيرها من بلاد المسلمين التي عانت من الاضطهاد والتطهير العرقي وبفضل الله ثم بفضل الدعم السعودي سواء الدعم الرسمي أو المؤسسات الخيرية السعودية التي سهلت الدولة مهمتها, وتحقق لها الشيء الكثير مما يثلج الصدور, فالشعب البوسني مثلاً كان للدعم السعودي دور في تصحيح مفاهيمه عن الإسلام فضلاً عن إقامة المشروعات الدعوية والتنموية المتعددة هناك ومعلوم أن المملكة العربية السعودية اهتمت بعمل المؤسسات الخيرية التي تعمل في الخارج ودعمت أنشطتها المتعددة وما تقوم به من عمل خصوصاً وأن كل ما ساهمت به يتم تحت مظلة الدولة وفق التوجيهات السديدة التي تتلقاها من القيادة الحكيمة مما كان له أكبر الأثر في تقديم الكثير من النفع للمستضعفين من المسلمين في أنحاء المعمورة وإغاثتهم ونشر العلم الشرعي في أوساطهم وساهم ذلك في إحداث تغييرات إيجابية في حياتهم .
ولم يقتصر ذلك على بلد دون آخر بل شمل العديد من بلدان العالم، وفي الصدد ذاته حرصت الدولة وفقها الله على تلمس احتياجات الناس في الداخل، ولمزيد من بسط الحديث حول طبيعة العمل الخيري في الداخل والخارج سيكون محور الحديث القادم .
المبحث الأول : رعاية المملكة للعمل الخيري
أولاً: العمل الخيري في الداخل :-
اعتنت الدولة بالعمل الخيري في الداخل وجعلت ذلك من أولى اهتماماتها حيث استحدثت منذ سنوات طويلة ما يسمى بالضمان الاجتماعي وأناطت مسئوليته بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية حيث تقوم بدراسة حالات المحتاجين وتخصص إعانات سنوية لهم وفق شروط وضوابط معينة ويستفيد من ذلك قطاع كبير من كبار السن والأرامل والمطلقات وغيرهم من المحتاجين،كما أن الوزارة تشرف بشكل رسمي على الجمعيات والمؤسسات الخيرية العاملة بالداخل والذي يبلغ عددها قرابة (245)جمعية وتقوم هذه الجمعيات على رعاية المحتاجين وتأمين المساعدات وغير ذلك، ويوجد نشاط في الداخل لبعض المؤسسات الأخرى التي تركز جهودها قي العمل الإغاثي والدعوي في الخارج من حيث تقديم المساعدات للمحتاجين ودعم بعض البرامج الدعوية سواء العامة منها أو ما كان موجهاً لبعض الجهات الإصلاحية كالسجون ويضاف لذلك بناء المساجد وتقديم الدعم المالي لبعض القطاعات الصحية والتعليمية وغير ذلك .
أبرز المؤسسات والجمعيات الخيرية العاملة في الداخل :
– مؤسسة الملك خالد بن عبد العزيز الخيرية .
– مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخيرية .
– مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري بالرياض .
– مشروع بن باز الخيري لإعانة الشباب على الزواج (والمشروعات المشابهة له على مستوى المملكة) .
– مؤسسة الحرمين الخيرية .
– الوقف الإسلامي .
– المنتدى الإسلامي .
– جمعية دار الأيتام بالرياض .
– جمعيات البر والجمعيات الخيرية بالمملكة ويبلغ عددها (245)جمعية .
– الضمان الاجتماعي .
ثانياً: نشأة العمل الخيري السعودي في الخارج :-
سطرت المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً أروع الملاحم في تبني قضايا المسلمين، فقد شهد العقد الماضي والعقد الحالي سباقاً محموما ًبين الدولة والمواطنين في دعم قضايا المسلمين حتى أنه تحقق بفضل الله ثم بفضل هذا التلاحم الرسمي والشعبي انتشال الكثير من المستضعفين من براثن الركون لغير المسلمين واحتوائهم تحت مظلة العمل الخيري، وكم من المشاهد والقصص التي تحكي هذا الواقع فقد تحدث البوسنيون عقب اجتياح ديارهم عن الدعم السعودي وقالوا بأنهم لم يكونوا يعتقدون أن يجدوا أحداً من المسلمين يقف معهم، فكانت وقفة المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً مبلغ إعجابهم وسرورهم، وقبل ذلك كان المسلم الأفغاني وأخوه الفلسطيني يذكر بالكثير من الامتنان وعبارات الإخاء سيل الدعم السعودي المتواصل لهم في أزماتهم السابقة والراهنة، ولازالت القضية الفلسطينية قضية الأمس واليوم المسلمين جميعاً تحمل الأولوية الكاملة في الاهتمام السعودي بالعمل الإغاثي والدعوي في الخارج، لاسيما وأن ذلك تزامن مع بداية الاغتيال اليهودي والاحتلال الغاشم لأراضي المسلمين في فلسطين وتدنيس المسجد الأقصى من قبلهم، وهذا أكسبها تفاعل الشعوب عن بكرة أبيها لأن المسلمين لا يمكن لهم أن يتصوروا وجود هذا التدنيس لكل ما هو إسلامي فكيف إذا كان ذلك المسجد الأقصى أولى القبلتين ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم،وعلى أثر ذلك استمر تدفق المساعدات الإغاثية السعودية على الشعب الفلسطيني لحاجتهم الماسة لذلك ولتخفيف حدة المآسي المحدقة من جراء الاعتداءات اليهودية التي تعتبر أشرس حملة تطهير في تاريخ البشرية،لم تفرق بين الصغير والكبير والمرأة والعجوز فهي موجهة لكل ما هو مسلم، وكان المسلمون ينتظرون أن ينتهي الاضطهاد ضد المسلمين عند هذا الحد ولكنه يتطور في أساليب الاستخدام وهذا هو ديدن اليهود في كل زمان ومكان، وبينما السعوديون يوجهون كل دعمهم للقضية الفلسطينية إذا ببلد آخر من بلاد المسلمين تنشد النجدة وتأن من ويلات الاعتداء السوفييتي الآثم الذي صوب سهامه نحو أفغانستان في عدوان جديد بدأ في عام 1399هـ1980م فكانت منطقة صراع جديدة لم تقف بلادنا أمامها عاجزة بل كانت أول المبادرين لمد يد العون لأخوة الدين وبدأت في دعمها بكل أنواع الدعم المطلوب وأنشأت في ظل اهتمامها الهيئة العليا لجمع التبرعات للمجاهدين الأفغان آنذاك التي استمرت تضخ الدعم للمجاهدين حتى اندحار السوفييت من أفغانستان ولم ينقطع الدعم في الوقت الحاضر فهو يتجدد من خلال متابعة أحوال اللاجئين الأفغان في الوقت الحاضر في المرحلة الجديدة التي تعيشها القضية الأفغانية، ثم كانت الجراح الثالثة التي ضربت المسلمين في مقتل العدوان على البوسنة والهرسك ومحاولة إبادة شعب ذنبه أن يقول لا إله إلا الله، وعندما ظهرت بوادر التطهير لكل ما هو مسلم كان هؤلاء أول أهدافهم أصدقاء الأمس من المسلمين وقد كان في هذه الحرب خير كثير للشعب البوسني الذين عادوا إلى دينهم بعد أن كانوا ينتسبون إليه اسماً فقط من جراء تأثير الشيوعية عليهم التي سلخت المسلمين من دينهم، ولم يستطع الحفاظ عليه إلا ثلاثة منهم وبأساليب فيها الكثير من المخاطرة على حياتهم، وأذكر هذه الصور التي كان عليها المسلمون في البوسنة والهرسك لتبيان حجم التأثير السعودي على الشعب البوسني أثناء الأحداث حيث ساهم العمل الدعوي الذي كان مرافقاً للعمل الإغاثي إلى عودة الشعب إلى دينهم والتمسك به أكثر من ذي قبل مما كان له الأثر البالغ على حياتهم الجديدة وكل ذلك بفضل الله أولاً ثم بفضل الدعم السعودي لإخوانهم في تلك الظروف الحرجة مع بقية دول العالم الإسلامي وبأدوار متفاوتة .
وتولي عملية إدارة العمل الإغاثي في المملكة هيئة تم إنشاؤها لتتولى إدارة العمل الإغاثي والدعوي الموجه للشعب البوسني وأطلق عليها اسم الهيئة العليا لجمع التبرعات لمسلمي البوسنة والهرسك وكان إلى جانب ذلك قيام المملكة العربية السعودية بجهود في إغاثة المتضررين من المجاعة في الصومال ومتضرري الهزات الأرضية في مصر .
وكانت الجراح الرابعة من جراح المسلمين التي حظيت بالدعم السعودي هي منطقة كوسوفا كمنطقة صراع جديدة وتبعاً لهذه التطورات الجديدة تم إنشاء اللجنة السعودية المشتركة لإغاثة شعب كوسوفا وحالياً يوجد اللجنة السعودية الخاصة لدعم الشعب الفلسطيني وتعتبر اللجنتين الأخيرتين تنسيقية لجميع الجهود السعودية حيث تعمل المؤسسات الخيرية السعودية تحت مظلتها وقد كان لها دوراً كبيراً في تنسيق جهود العمل الإغاثي والدعوي في المناطق التي كانت تعمل بها المؤسسات السعودية الخيرية مما أظهرها بالشكل اللائق بهذه البلاد المباركة وما ذكرته بشكل مختصر حول العمل الخيري السعودي في الخارج .
ثالثاً: المؤسسات العاملة في العمل الخيري في الخارج :-
هناك عدد من المؤسسات السعودية تعمل في الخارج وفق مهام محددة ومن أبرز هذه المؤسسات ما يلي :
1- لجنة الأمير سلطان الخاصة للإغاثة .
2- مؤسسة الحرمين الخيرية .
3- رابطة العالم الإسلامي
4- الندوة العالمية للشباب الإسلامي .
5- المنتدى الإسلامي .
6- الوقف الإسلامي
7- هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية .
8- مؤسسة مكة الكرمة لكفالة الأيتام .
9- إدارة المساجد والمشاريع الخيرية .
10- مؤسسة الأعمار الخيرية .
وغيرها من الهيئات الخيرية السعودية الأخرى .
المبحث الثاني :مجالات عمل المؤسسات السعودية في الخارج
نظراً لتفشي الجهل في كثير من المجتمعات الإسلامية التي هي ميدان لعمل هذه المؤسسات فإن هذه المؤسسات تركز بشكل مكثف على برامج الدعوة إلى الله .
وتهتم المؤسسات الخيرية بإنشاء المشروعات التي تحتاجها كل منطقة وتتركز هذه المشروعات فيما يلي :
أ. بناء المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية .
ب. حفر الآبار .
ج. تنفيذ المشاريع الطبية من بناء المستشفيات والمستوصفات وغيرها من الأعمال الطبية .
د. كفالة الأيتام وغيرها من المشروعات التي تكون الحاجة إليها ماسة .
وإلى جانب ذلك تحرص على الجانب الإغاثي في مناطق الكوارث التي تقع وسط المسلمين في أنحاء العالم ويتم تقديم الأغذية والكساء والأدوية الطبية وغير ذلك يضاف لها تقديم بعض الكتب والنشرات الدعوية بلغة تلك المنطقة ليسير العمل الإغاثي مع الدعوي وبما يكون له من أثر على تلك الشعوب .
امتازت المملكة العربية السعودية بالقدرة على التفاعل مع الأحداث شجعها على ذلك المكانة التي تحتلها في أوساط المسلمين في جميع أنحاء العالم وإلى جانب ذلك حرصت الدولة تذليل عقبات العمل الخيري في الداخل ودفعه ليقوم بدوره وسط المجتمع السعودي لتلبية حاجات الأسر المحتاجة والمساهمة في إقامة بعض المشروعات الخيرية وهذا سهل مهمته وأدى إلى إنشاء المزيد من الجمعيات الخيرية لسد الاحتياج في هذا الجانب، وللتعرف على المصادر الرئيسية للدعم الخيري ودورها البارز يظهر جلياً في المصادر التالية :
أولاً: الدعم الرسمي :
تقدم الدولة دعماً سنويا ًلعدد من الجمعيات الخيرية والمؤسسات من أجل مساعدتها على تنفيذ برامجها الإغاثية والدعوية وتوزيع المساعدات في الداخل والخارج، وتجد هذه المؤسسات والجمعيات الدعم المعنوي لأنشطتها المختلفة وفق ضوابط محددة تساهم في تسهيل إجراءات عملها وتذليل العقبات التي تقف أمامها ولا تكتفي بذلك بل إنها تقدم إعانات إغاثية عاجلة في كثير من الأحيان مع تبرعات مالية وفقاً للحاجة التي تعيشها تلك الدول والمناطق .
ثانياً : الدعم الشعبي :
وهو الدعامة الكبرى التي تعتمد عليها المؤسسات بعد الله سبحانه وتعالى فيما يتعلق بالعمل الخيري في المملكة ولا يمكن إغفال دور المواطنين السعوديين والمقيمين وغيرهم من الجاليات المسلمة في دعم قضايا المسلمين من خلال التبرعات التي يقدمونها لدعم قضايا المسلمين سواء عن طريق التبرع المباشر أو الاستقطاع الشهري للمساهمة في مشروعات معينة عن طريق مكاتب ومندوبي المؤسسات أو الجمعيات الخيرية في الداخل الذين يقومون بمهمة إقناع الناس بالمساهمة في مشروعات المؤسسات الخيرية، أو عن طريق بعض المحسنين ويصبح هذا الدعم أكثر إقبالاً عند الدعوة إليه في دعم بعض القضايا والتي تكون المؤسسات الخيرية أحد روافد تلقي الدعم لها خصوصاً إذا كانت الدعوة رسمية من قبل ولاة الأمر .
ولقد رأينا قمة هذا التفاعل في الحملات التلفزيونية التي يكون ريعها لإحدى قضايا المسلمين ولعل آخرها الحملة التلفزيونية لمصلحة الشعب الفلسطيني قبل عدة أشهر حيث رأينا إقبالاً منقطع النظير على تقديم الدعم للقضية الفلسطينية فالشعب السعودي مناصر لقضايا المسلمين ولا يتأخر عن تقديم الدعم لها بشكل مستمر في سبيل تحقيق مبدأ الأخوة الإسلامية انطلاقاً من حديث النبي صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وتبقى القضية الفلسطينية كما أشرت في أكثر من موضع المستحوذة على اهتمامات كل الناس .
ثالثاً : الأوقاف الخيرية والاستثمارات :
بدأت بعض المؤسسات الخيرية السعودية للتطلع للأفضل حيث لجأت لإنشاء أوقاف كمصدر يدر عليها دخلاً ثابتاً في ظل الإعتماد الكلي سابقاً على التبرعات التي قد تتوقف لأي سبب من الأسباب أو الظروف الإجبارية لهم فيكون العمل الخيري مهدداً بالتوقف لعدم وجود مصادر ثابتة، فكانت هذه الأوقاف مطلباً للمرحلة الحالية للعمل الخيري، لأن الأعباء تتزايد والجهود تتضاعف فلا بد من استمراريتها ولن يكون ذلك إلا بوجود مصادر ثابتة كالأوقاف الخيرية لأن هناك ميزانيات كبيرة يحتاجها العمل الخيري حتى تسير برامجه وفق آلية معينة تساهم في تطوره وتنصب في مصلحة المسلمين في كل مكان .
والمؤمل أن تشهد الأيام المقبلة استمرارية الأوقاف مما يدفع العمل الخيري للأمام ويؤدي إلى ازدهاره، مع البحث عن طرق جديدة كموارد أخرى لتنفيذ البرامج الموضوعة في نشاطات المؤسسات التي تتمثل في كفالات الأيتام ورواتب الدعاة وإقامة مشروعات كبناء المساجد وحفر الآبار وغيرها من الأنشطة المختلفة وهذا من أهم أهداف العمل الخيري السعودي .
وقد دخلت بعض المؤسسات الخيرية مؤخراً مجال الاستثمار مثل الحرمين الخيرية على سبيل المثال وأنشأت قسماً خاصاً للاستثمار يعمل على الإسهام في تنمية موارد المؤسسة .
المبحث الرابع: الدراسة والتخطيط للعمل الخيري تعتبر الدراسة والتخطيط واحدة من نواة العمل الخيري المنظم للتخلص من النمط التقليدي الذي دون شك استفادت منه المؤسسات والعمل الخيري في مرحلة من المراحل والآن في ظل البرامج التطويرية والعمل على ارتفاع آداء الموظفين من خلال الدورات الإدارية التي تنتقل بالعمل إلى مرحلة العطاء الأكبر وتحقيق الأهداف من أقصر الطرق، وهذا من شأنه أن يصحح التهمة الملصقة بالعمل الخيري بعدم القدرة على التخطيط السليم ووصمه بالعشوائية والتخبط وليتمكن من تحقيق الآمال المعقودة عليه، لذا كان من الضروري وضع استراتيجيات ودراسات وخطط مستقبلية يسير على ضوئها لتفادي الوقوع في الأخطاء وتكرارها، وحتى يستطيع العاملون الارتفاع بأداء العمل الخيري السعودي بشكل أفضل مما هو عليه الآن، وفق أسس ومعايير مدروسة تنصب في مصلحة العمل الخيري ويحتاج ذلك تظافر الجهود من أجل بلورة أساليب العمل بما يتماشى مع تحقيق الخدمة لأنشطتها ومشروعاتها المختلفة، بل ويضع الحلول لمشاكل العمل الخيري في الداخل والخارج والنهوض بها على أساس قويم على المدى البعيد، مع الحرص على التنسيق المستمر بين المؤسسات بما يرفع من عطائها ويكسبها الخبرة والعطاء المنتظر منها لاسيما وأنها تعمل في خندق واحد وفي ساحة مشتركة واحدة، وهي بحاجة للسعي الدؤوب لإيجاد موارد ثابتة يصرف منها على المشروعات في الداخل والخارج .
المبحث الخامس : العقبات التي تواجه العمل الإسلامي دون شك أن العقبات التي تزرع في طريق الجمعيات والهيئات الإسلامية كثيرة ويصعب حصرها في هذا اللقاء لأنها تحتاج إلى بسط متوسع وهذه من أبرز المعوقات والعقبات ما يلي :
أولاً : ضعف الموارد المادية :
يحتاج العمل الخيري السعودي بل والعمل في الحقل الإسلامي بشكل عام إلى توفر الإمكانات المادية فلا يمكن مقارنة ميزانية المؤسسات الخيرية الإسلامية جمعاء مع ميزانية لإحدى المؤسسات التنصيرية الكبيرة أو حتى اليهودية فالفرق سيكون شاسع بل وكبير جداً وهذه هي حقيقة الفرق بين العمل الإسلامي الخيري والعمل التبشيري لفرق النصارى، فالإمكانات لدى العاملين في العمل الإسلامي الخيري أقل بكثير مما يضعه هؤلاء من ميزانيات ضخمة من أجل إضلال الناس, ولديهم ميزانيات قد تفوق ميزانيات بعض الدول، ولكن رغم هذه الإمكانات تجد أن الإقبال على الإسلام كبير حتى في أوساط المنصرين أنفسهم وهذا أمر طبيعي لكون هذا هو الدين الحق فلا غرابة في ذلك ولو ملكت بعض المؤسسات الخيرية جزءاً من ميزانياتها لحققت أكثر مما تحقق في ضوء الإمكانات الضئيلة الموجودة لدى هذه المؤسسات والجمعيات الخيرية .
ثانياً: الحاجة للكوادر البشرية المدربة :
تمثل الكوادر البشرية أهمية كبيرة في عمل المؤسسات الخيرية حيث تعاني بعض المؤسسات من عدم إقبال بعض الشباب على العمل فيها خصوصاً خارج المملكة وهذا يضع المؤسسات أحياناً في مأزق في هذا الجانب، يضاف لذلك أن جهود غير المسلمين مكثفة وتجدهم يتنقلون في أصعب المناطق خصوصاً في أفريقيا ولديهم صبر وجلد كبير ويستغلون العمل الإغاثي للدعوة لأفكارهم وإخراج المسلمين من دينهم، وقد نجحوا في بعض المناطق لكن يظل الإسلام هو المتفوق في دعوته لهؤلاء الضعفاء الذين يتركون دينهم بسبب الفقر المقذع الذي يتعرضون له ونسأل الله أن يبارك في عمل المؤسسات الخيرية بما يكون فيه نفع لهذا الدين العظيم .
ثالثاً : المضايقات التي تتعرض لها المؤسسات الخيرية السعودية :
لعل من أبرز العقبات التي يمكن تناولها في هذا المبحث المضايقات التي تتعرض لها المؤسسات الخيرية السعودية من هجوم إعلامي واتهامات لا تمت للحقيقة بصلة، وهذه المحاولات مستمرة وتهدف إلى تجفيف منابع العمل الخيري لأنها لا تستند إلى حقائق وسبق أن تم الرد عليها من خلال وسائل الإعلام المختلفة, كما أن المؤسسات تنطلق في نشاطها من مظلة رسمية ووفق ضوابط واضحة لا تجعل هناك أي مجال لمثل هذه الاتهامات، وما يحدث من مضايقات للعمل الخيري لن يثني من عزائم المؤسسات الخيرية على السير في طريق عملها الإغاثي والدعوي في الداخل والخارج وتقديم ما تستطيعه للمستضعفين في جميع أصقاع المعمورة، وستظل تحركاتها وفق توجيهات قيادتنا الرشيدة والضوابط التي وضعتها التي تكفل لكل مؤسسة قيامها بدورها الدعوي والإغاثي على الوجه الأكمل .
أسباب المضايقات للمؤسسات الخيرية :
جاءت أسباب المضايقات للمؤسسات السعودية كردة فعل لأحداث 11سبتمبر والتي أدت إلى ازدياد العداء ضد الإسلام، ووجهت اتهامات دون بينة أو برهان وهذا أمر يدعو للدهشة والغرابة ولكن تختفي هذه الغرابة إذا عرفنا أن الذي يقف خلف هذه الاتهامات المؤسسات الصهيونية واليهودية في داخل أمريكا حيث استطاعت أن تسخر جهودها لتأديب الرأي العام الأمريكي ضد كل ما هو إسلامي, وهذا مخالف للواقع العملي والفعلي لمؤسساتنا السعودية التي تهدف للقيام بعملها الإغاثي والدعوي دون الدخول في أمور تعرضها لمثل هذه التهم التي لا تستند لأي حقائق فمثلاً هم توقعوا أن الأموال التي تذهب للأيتام والمسلمين يتسرب جزء منها إلى من يسمون بالإرهابيين وهذا غير صحيح وغير منطقي والقضية هي إفرازات أحقاد على الإسلام و المسلمين .
المبحث السادس : آمال وطموحات
يطمح العاملون في مجال العمل الخيري أن تتحقق له بعض الأهداف والطموحات التي كانت ولا زالت آمال نتمنى أن تصبح واقعاً ملموساً في المستقبل القريب بمشيئة الله ومنها :
1- تنمية الموارد المادية بحيث تكون قادرة على تنفيذ برامج وخطط دعوية أكبر .
2- نشر الدعوة الصحيحة في أصقاع المعمورة .
3- القدرة على التفاعل مع احتياجات المسلمين في كل مكان .
4- توحيد الجهود الدعوية والعمل على شمولية أكبر للعمل الدعوي .
5- الارتفاع بمستوى العمل الدعوي والإغاثي بحيث يتواكب مع التطور المطرد في العالم والاستفادة من كل التقنيات الحديثة .
6- الاهتمام بإعداد حول العمل الحالي للمؤسسات ومعرفة أوجه القصور فيه وتلافيها .
وختاماً أسأل الله أن أكون قد وفقت في ما قدمته لكم في ورقة العمل التي ألقيتها على مسامعكم وإن كان هناك من أوجه قصور فنتمنى أن نتلافاها في المستقبل إن شاء الله .
لا توجد تعليقات