Skip to main content

التنمية والقطاع التطوعي… تساؤلات في ظل التحديات

د. محمد بن عبدالله السلومي

باحث في التاريخ ودراسات القطاع الخيري والقطاع الثالث

جدل كبير لا يزال يدور في الساحات الاقتصادية والثقافية حول التنمية ومفاهيمها، وبين الصناعة الذاتية للتنمية أو استيرادها! والجدل يتكرر كذلك عن مدى شراكة القطاع التطوعي في التنمية الشاملة، أو انكفاء قطاع التطوع “غير الربحي” في معالجة الطوارئ والأزمات وبقاء عمل القطاع منحسراً في الخدمات الاجتماعية، ويأتي هذا في ظل تحديات اقتصادية ربما غير مسبوقة في العالم العربي والإسلامي، لا سيما مع ضَعْف الاقتصاد العالمي أو ركوده وما لازمه من تبعات جائحة كورونا، إضافةً إلى عدم التطوير لمكانة هذا القطاع الإدارية بين قطاعات التنمية كقطاع ثالث وشريك للقطاعات التنموية، وتحديات أخرى ثقافية وسياسية وسيادية، وهذه التحديات تطرح تساؤلات كبيرة حول وسائل معالجة هذا الواقع والآليات الفعَّالة!

وحول التحديات والتساؤلات عن التنمية بهذا القطاع، وعن تمكينه كشريك في منظومات التنمية جاء كتاب (التنمية والقطاع التطوعي: الأبعاد الحضارية للقطاع غير الحكومي) ليطرح بلغته العلمية والوثائقية أبرز جوانب التشخيص حول هذا الموضوع، وأهم الحلول ووسائل المعالجة من خلال الوقفات التالية:

الوقفة الأولى: أن هذا الكتاب المتخصص يطرح مفاهيم التنمية المتضاربة، ومصطلحاتها المتناقضة أحياناً، لكنه يُناقش بقوة التلازم الكبير بين التنمية والقطاع التطوعي بمؤسساته وجمعياته الخيرية وغير الربحية، وما يُضعف التنمية وقوة هذا القطاع من مصطلحات ومفاهيم معرفية معظمها وافدة، لتشكل شيئاً كثيراً من التحديات والعوائق للتنمية بهذا القطاع، وفي الوقت ذاته تجد في الكتاب من المعالجة ما يُعزِّز الإسهامات الفعلية للقطاع بشراكةٍ تنموية مستدامة للمجتمعات والدول، والعمل على نهضتها.

ومن هذه التحديات تزاحم المعلومات الوافدة، وزحف الثقافات الغالبة، وتطورات وسائل المعرفة، وثورات التقنية، ومشكلات الشباب والمرأة والأسرة، وتحديات المرحلة على العالم العربي تتضاعف بواقع عولمة رأسمالية السوق بأنماطها الاستهلاكية وآثارها على الاقتصاد الاجتماعي وتمويله.

وتزداد تطلعات الشعوب والأمم في العالم الإسلامي مع واقع التلازم بين التنمية والقطاع التطوعي في ظل الإدارة الحديثة للدول المتقدمة التي تعتمد هذا القطاع قطاعاً ثالثاً مستقلاً، لا سيما حينما أصبحت المنظمات غير الحكومية (NGOs) ظاهرةً عالمية وقطاعاً أساسياً مؤثراً في التنمية، بل رهاناً سياسياً أو انتخابياً في نجاح بعض الحكومات أو أحزابها السياسية أو قادتها، وحينما أصبح هذا القطاع بأدواره التنموية القوية معياراً من معايير تقدم الدول والأمم والمجتمعات، ومن مقاييس تمدنها وحضارتها وإنسانيتها، بدلاً من معيار دخل الفرد! كل هذا وغيره مما جعل الدعوات تَتَنامى وتُنادي إلى شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص من جهة، والقطاع الخيري وغير الربحي من جهة أخرى لمعالجة هذه العوائق والتحديات وتجاوزها.

لكن المؤلف يُكرِّر أن هذا التلازم بين التنمية والقطاع يتطلب أن تكون عمليات التنمية ذاتية محلية، وهي التنمية الحقيقية، كما أن هذه التنمية ليست مجرد كميات إنتاجية مادية، بقدر ما هي استثمار في الإنسان وإدارة مُثلى للموارد، ومضاعفة للإنتاج بوسائل صحيحة خدمةً للإنسان في الحاضر والمستقبل، والقطاع التطوعي يُعدُّ مُسهماً رئيساً في هذه التنمية بهذا المفهوم، لا سيما حينما تكون شراكته وإشراكه في التخطيط الاستراتيجي للدول والتعاطي المباشر مع الحقائق والأرقام.

ويؤكد المؤلف أن هذا مما يتطلب منح هذا القطاع التمكين في حقوقه المعنوية والمادية؛ ليقوم بواجباته الكبيرة المنوطة به، وليكون قطاعاً ثالثًا وقطاعاً غير ربحي مسهم في معظم عمليات التنمية ويحقق الخيرية المنشودة منه للمجتمعات والدول.

الوقفة الثانية: أوضح المؤلف أهم التحديات التي تواجه التنمية وقطاع التطوع على حدٍّ سواء، فعالَمُ اليوم يعيش فترة تاريخية عصيبة من حيث التحديات، ليس على مستوى التنمية فحسب، وإنما على المستويات الاقتصادية والسياسية، والقطاع التطوعي من ضحايا هذه التحديات، حيث فَشَل المنظمات الدولية في تحقيق العدالة الأممية والاجتماعية، وعجز المعنية منها بالسلام الدولي، أو ضعف أدائها لأهدافها المعلنة كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وحقوق الإنسان! مع تزايد مؤشرات تفكك معظم الدول أو ضعفها أو ضعف سيادتها بما في ذلك الدول الكبرى، وما سيصحب هذا من صراعات وحروب تتصاعد ونوازل اقتصادية وقيمية تتفاقم على الاقتصاد الاجتماعي ومؤسساته وجمعياته –كما ورد في ثنايا الكتاب عامة والفصل الأول والثالث والرابع والسابع بصورةٍ خاصة-.

ومن أبرز تحديات المرحلة استمرار مزاعم الإرهاب وتمويله على مؤسسات القطاع الخيري الإسلامي عالمياً وإقليمياً ومحلياً؛ حيث حرصت الحملة العالمية بقيادة أمريكا وتحت اسم (حرب الإرهاب) على إضعاف دور هذا القطاع الرعوي والتنموي في البلدان الإسلامية، وانتهاك حقوق الإنسان الغني والفقير على حدٍّ سواء، ومصادرة حقوق المانح والمستفيد بتقييد حرية هذا القطاع وإضعاف استقلاليته، بل تعدى ذلك إلى انتهاك حقوق الدول؛ وذلك بفرض مجموعة من القوانين المالية والإدارية -على مستوى دول العالم الإسلامي خاصة- وهي التي تُعيق ولا تطلق، وتُعسِّر ولا تُيسِّر، وتُقيِّد ولا تدعم تحت اسم (قوانين مكافحة الإرهاب أو تمويله) وما شابهها من قوانين جائرة بحق البشرية وحقوق الإنسان وكرامته، كشفتها نتائج هذه الحروب -ولا زالت- على هذا القطاع والمستفيدين منه. وخلاصتها أنها حرب بالإرهاب وليست حرباً على الإرهاب!

الوقفة الثالثة:تؤكد موضوعات الكتاب أن مخاطر المرحلة – بالرغم مما فيها من الفرص – تُعدُّ من مُهدادت التنمية الحقيقية بآثارها الكبيرة، حيث أثر عولمة الاقتصاد الرأسمالي على المجتمعات في جوانب العدالة الاجتماعية والصحة النفسية والحياة الأسرية، بل وعلى سيادة الحكومات وقوة الدول، وذلك بإضعاف شرعيتها في أحيانٍ كثيرة، فتقاليد العولمة الاقتصادية كالخصخصة وأنظمتها وقوانينها الأجنبية المستوردة مما يُقلل أو يُضعف من قوة العلاقة بين الحكومات والشعوب بنسْفِها للعقد الاجتماعي بين الطرفين، ومما سوف يُنَمِّي حكومات الشركات!

وتزداد هذه المخاطر بأن هذا الاقتصاد الرأسمالي المُعولم غالباً لا تصمد معه الكوارث الاقتصادية المحلية للدول، خاصةً عندما يكون سقوط بعض الشركات العالمية، أو تعثر كثير من بنوك الدول واقتصادها المتوقع حدوثه فيما بعد عام 2020م بما هو أضعاف كارثة عام 2008م، كما هي توقعات بعض خبراء الاقتصاد كرئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي. وبالتالي ربما يحصل سقوط سيادة دول وحكومات، وفوضى اجتماعية، وارتباك اقتصادي وسياسي على مستوى بعض دول العالم القوي منه والضعيف، مما قد يتسبب في أعمال نهب وسلب عالمي للمتاجر ومخازن الغذاء في المستقبل القريب أو البعيد!

الوقفة الرابعة: يطرح المؤلف بشكل لافت حقيقة التلازم بين نجاح التنمية مع النمو السكاني بشكل ربما يكون لافتاً للنظر، حيث يرى أهمية النمو السكاني في إنجاح التنمية الشاملة، خلافاً لكثير من الأطروحات حول ما يسمى (الانفجار السكاني) وبرامج (تحديد النسل) وغير هذا من مخاوف الفقر! ومحدودية الموارد الغذائية! والمجاعة العالمية! ويستدل مؤلف كتاب التنمية بما يُعزِّز رأيه أو رؤيته، وذلك بمجموعة من الأدلة، ومن ذلك إيراده لبعض الآيات القرآنية التي تُثبت أن هذه التخوفات العالمية أو الأممية المشبوهة لا تعدو أن تكون رأياً منزوعاً منه الإيمان، وليس حقيقةً! كما ورد في القرآن: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات:22]، ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات:58]، وغيرها كثير من الآيات من الخالق الرازق المتكفل بخلقه.

ومن الأدلة التي يسوقها المؤلف لإثبات هذا كدليل ثاني، أن احتياج البشرية مهما وصلت من أعداد سكانية فهي مكفولة، وأنها كفالة وضمانة لا حدود لها عند الخالق سبحانه وتعالى، ومن ذلك استدلاله أن اكتشاف البشر لمصادر جديدة في الحياة البشرية ومواردها عبر عصور الزمن هي من سنن الله الثابتة، وأنها من خَلْقِ الله وَصُنْعِه، قبل أن يكون اكتشافها من المخلوقين ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96]، بل إن بركات السماء والأرض تتجاوز المنظور والمعلوم من الأرزاق أو المكتشف من المخلوقين ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [البقرة:212].

ودليل ثالث يسوقه المؤلف قائلاً: «إن المتأمل في عموم التاريخ يرى أن البشرية في عصور قلة سكانها وعدم النمو السكاني الكبير يصحبها في الغالب حالات الفقر والعوز، والعكس كذلك، وهذه من آيات الله الكونية في خلقه. وكفى أن في كل عصر من عصور التاريخ يهدي الله البشرية لاكتشاف مصادر جديدة لبقاء الحياة البشرية، وذلك من اليابس والماء في الأرض. وهي من صنع الخالق وبركته على خلقه عموماً، وعباده المؤمنين بصورة خاصة» كما ورد وتكرر ذلك في القرآن [التنمية والقطاع التطوعي: ص121-122].

ويسوق مؤلف الكتاب ما يراه تأكيداً لأدلته الثلاثة السابقة، حيث أن تطور العلم البشري يكشف كل يوم أن بعض الغذاء أو البروتينات التي يمكن أن تكون مصنوعة من الهواء! أو من التراب! مثلاً، وهي ما تُبشر به بعض الأبحاث العلمية، وعن ذلك كَتَبَ المؤلف –كأنموذج-: «ومما يُضاف إلى هذه النتائج المؤكدة والحقائق الإيمانية الواردة بالقرآن الكريم -وهي عقيدةٌ عند المؤمنين- ما توصَّلت إليه بعض الدراسات العلمية الحديثة بأن 90% من أنواع الكائنات الحية في العالم لم تُكتشف أو تُوصف أو تُصنف بواسطة البشر بعد! وقَدَّرَت الدراسة التي أجراها باحثون كنديون عدد أنواع الكائنات الحية بـ(8.7) مليون نوع! ومن ذلك أن علماء الكائنات الحية تمكنوا من تطوير أسلوب جديد لتقدير إجمالي أنواع الكائنات في الكون ونشروا نتائج دراستهم في صحيفة (بلوس بيولوجي) العلمية ““PLOS Biology وفيها يقول روبرت ماي (Robert May) أستاذ علم الحيوان بجامعة أوكسفورد في بحث منفصل في نفس النسخة: “إن مدى جهلنا بعدد الكائنات الحية على الأرض اليوم مفزع للغاية! بل إن ذلك الجهل يزداد عند الحديث عن عدد الأنواع التي يمكن أن نفقدها من تلك الأنواع التي لا تزال تُوفِّر خدمات للنظام البيئي تعتمد عليها البشرية بشكل مطلق. كما أن الدراسة التي أجريت في كندا بـ(جامعة دالهاوزي بهاليفاكس) Dalhousie University – Halifax قَدَّرَت أن 86% من كل الأنواع البرية و 91% من كل الأنواع البحرية لم تُصنَّف بعد!» [التنمية والقطاع التطوعي: ص122].

الوقفة الخامسة: في هذا الكتاب المعني بالتنمية، والتنمية بقطاع التطوع تحديداً أورد المؤلف بعض التساؤلات التي تكشف عن مخاطر التنمية غير الذاتية وما يتلازم معها، حيث في غالبها أنها مُستَورِدة للمفاهيم، ومن هذه التساؤلات: هل التنمية الصحيحة يمكن أن تتحقق بسيطرة شركات الرأسمالية التجارية؟ وهل التنمية المطلوبة هي التي تُحوِّل البلدان والأوطان والإنسان إلى سلع تجارية، وربما تكون لصالح شركاتٍ أجنبية؟ وهل هذه التنمية الناجحة تكون بتحقيق الوفرة المالية وتوفير سلع الاستهلاك وأدواتها؟ وهل هي النمو الاقتصادي الرأسمالي وإحلال التقنية محل الإنسان التي غالباً يصحبها ارتفاع نسبة البطالة! وعدم الانتاجية؟!

وهل هناك تلازم أو تنافر بين التنمية وبيع المؤسسات الخدمية فيما يُسمى بـ(الخصخصة)؟ وهل خصخصة القطاع التعليمي أو القطاع الصحي إلى شركات محلية أو أجنبية يُعدُّ خدمة للإنسان المواطن؟! أم أن هذا يدخل في تحويل الإنسان إلى سلعة للبيع والشراء؟! وهل هذه التنمية المنشودة هي التي تعمل على استنفاد موارد الأجيال واستنزافها! لأجل هَوَس الاستهلاك والوفرة المالية الآنَية؟ وبالتالي فهل مخرجات واقع التنمية المُستوردَة على مستوى تجربة العالم النامي ستكون ضَعْف التنمية المستدامة الشاملة أو غيابها أو تعطيلها؟ أم ستكون سبب قوتها وفعاليتها؟ كما ورد في عرض تجارب بعض الدول النامية مع هذه التنمية! مع استشهادات كثيرة من خبراء غربيين في الاقتصاد الاجتماعي، كما كَتَبَ هؤلاء وغيرهم عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بصورةٍ نقدية خاصة!

وبعد هذه الوقفات الموجزة حول بعض ما ورد في الكتاب، فإن المؤلف وهو يكتب عن العوائق والتحديات يطرح ما يراه من توصيات أو مقترحات، وما يراه من الأمل قائلاً:

الأمل -بعد الله- أن يكون في فصول هذا الكتاب ما يُسهم في فتح آفاق ورؤى جديدة تجاه مؤسسات هذا القطاع لتفعيلها وتنشيطها؛ حتى تؤدي دورها الحقيقي في التنمية الشاملة، والتنمية الحقيقية وتُسهم كذلك في حماية مجتمعات المسلمين من أخطار العولمة والتغريب وصدماتهما، ومعالجة آثار الصراعات والحروب، بل إن المأمول لهذا القطاع أن يُسهم حقيقةً في نهضة الشعوب والدول بدور حضاري كما كان في سابق التاريخ. ولعل في موضوعاته ما يفتح بعض الأبواب والنوافذ العلمية والعملية لخدمة هذا القطاع والعاملين فيه، فهم ثروة أخرى تستحق التنمية بكل مفاهيمها الإيجابية؛ لأنهم السفراء بلا سفارات، ولأنهم سعاة الخير ورواده لدى جميع الشعوب والمجتمعات.

ومن التوصيات أو المقترحات حول التنمية وشراكة القطاع التطوعي وتمكينه:

– لابد من رسالة إلى منسوبي القطاع التطوعي، حيث وجوب العمل على تنمية هذا القطاع ذاته برفع سقف المعرفة عن موقعه الإداري وحقوقه وتحدياته لإحداث التوازن بين متطلباته والواجبات عليه، وليكون قطاعاً ثالثاً شريكاً في عمليات التنمية المستدامة الشاملة.

– ورسالة أخرى كذلك إلى القطاع الخاص وسادته للنظر في أحوالهم حول الاستجابة لتشريعات الإسلام من الحث على العطاء في أزمنة العسر، كما هو عطاء الخير للآخرين في زمن اليسر، مع أهمية النظر إلى مخرجات أموال السابقين من سلف الأمة، لغرس الأمل وبناء قيم العمل، وللتحفيز في استعادة حضارية أمة الإسلام.

وأمام هذه المخاطر والتحديات يتأكد الحل بأن تكون الشراكة الحقيقية الفعلية للقطاع التطوعي مع القطاع العام والقطاع الخاص في التنمية للإنسان والبلدان والأوطان.  

 

اضغط هنا لقراءة المقال pdf

______________________

المصدر: مجلة البيان، العدد 409، بتاريخ 2 رمضان 1442هـ، الموافق (13 أبريل 2021م)، الرابط التالي:

https://albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?id=13461

 

لا توجد تعليقات

بريدك الالكتروني لن يتم نشره


الاشتراك في

القائمة البريدية

اكتب بريدك الالكتروني واضغط اشتراك ليصلك كل جديد المركز

تصميم وتطوير SM4IT